نور الصباح عضو ذهبى
الابراج : عدد المساهمات : 142 نقاط : 5540 السٌّمعَة : 53 تاريخ الميلاد : 26/03/1984 تاريخ التسجيل : 05/12/2010 العمر : 40 الموقع : امام الكمبيوتر العمل/الترفيه : اللعب مع الاسود المزاج : عالى جدا
| موضوع: اتقوا الظلم فأنة ظلمات يوم القيامة ج 1 الأحد ديسمبر 05, 2010 7:15 pm | |
| [b][justify][quote]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
معاشر المسلمين: يقول ربكم تعالى ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا ، وقال: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ، وهذه الآية الكريمة أعظم تهديد وتحذير للمجتمعات التي تظلم وتدعوا إلى الظلم والله تعلى سريع الحساب.
وقال: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ، فحمد الله تعالى نفسه لما أهلك الظالمين وطهّر منهم الأرض.
وقال: وما للظالمين من نصير ، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة))[1].
ومعنى اتقوا الظلم أي اجتنبوه، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمامٌ ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق ))[2]. وعن أبي موسى قال: قال رسول الله : ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ))[3].
عن أبي ذر الغفاري في الحديث القدسي الطويل وفيه ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.. ))[4].
أيها المسلمون: إن الظلم ظلمات يوم القيامة كما أن العدل المأمور به الذي هو ضد الظلم نور يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا ))[5]. فإذن ما هو تعريف الظلم قال الإمام العييني: الظلم أصله الجور ومجاوزة الحد، وهو وضع الشيء في غير مكانه ومعناه في الشرع: وضع الشيء في غير موضعه الشرعي، والظلم نوعان اثنان :
النوع الأول: ظلم العبد لنفسه، وأعظمه الشرك بالله تعالى، قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به وقال: إن الشرك لظلم عظيم وإنما سمي الشرك ظلماً لأن المشرك المسكين وضع العبادة في غير موضعها المختص بها المستحق لها وهو الله تعالى، وجميع الكبائر والمعاصي تسمى ظلماً لأنها من مصر الشرك وليست بشرك، ولأن المعاصي تعدٍّ لحدود الله، قال تعالى: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ، وقد سمى الله المذنبين بالظالمين فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون .
فإذن الشرك ظلم، والقتل ظلم والفواحش ظلم والربا ظلم، والسحر ظلم وعقوق الوالدين ظلم إلى غير ذلك من كبائر الذنوب.
النوع الثاني من أنواع الظلم: ظلم العبد والإنسان لأخيه الإنسان وهو من أعظم الظلم لأن له تعلق بحقوق الإنسان وقد شدد الله على هذا الظلم في الدنيا والآخرة، ولا يترك منه شيئا، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: ((من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه الله من سبع أرضين))[6].
أيها المسلمون: إن الظلم محرّم في كل شيء ولكل إنسان، قال شيخ الإسلام ابن تيميه: ((ولهذا كان العدل أمرا واجبا في كل شيء، وعلى كل أحد والظلم محرما في كل شيء ولكل أحد فلا يحل ظلم أحد أصلاً سوءاّ كان مسلما أو كافرا أو كان ظالما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى.. أ.هـ. ويكفي في تحريم الظلم أن الله تعالى ملك الملوك الجبار القاهر حرّم الظلم على نفسه المقدسة عن الظلم، جاء في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا...)).
أيها المسلمون: إن عاقبة الظلم الخسران وعدم الفلاح في الدنيا والآخرة والله يعاقب على الظلم بأنواع العقوبات، قال تعالى: إنه لا يفلح الظالمون وقال: إنه لا يحب الظالمين وقد أهلك الله أقواما وقرونا من الناس قبلنا وما زال يهلك الأمم لوجود الظلم في الأرض فصار هذا الأمر سنة كونية، كلما كثر الظلم والفساد في الأرض نزل العقاب الأليم، اسمعوا لقوله تعالى: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وقال: وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين وقال: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا والله تعالى لم يظلم هذه القرى وهذه الأمم ولكن كانت هي الظالمة ظلمت نفسها وظلمت غيرها فحق عليها عقاب ربها قال تعالى: وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، وقال تعالى: ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد .
يقول الإمام ابن كثير في هذه الآية: يقول تعالى وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا كذلك نفعل بأشباههم.
أيها المسلمون: إن الظلم شين لا يبقى معه ملك ولا تبقى معه حضارة والعدل زين يدوم معه الملك ولو كان الملك كافرا، قال تعالى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون .
يقول الإمام الرازي: والمعنى أن الله تعالى لا يهلك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين إذا كانوا مصلحين في المعاملات. أ.هـ. وقال الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. أ.هـ. ولهذا قيل: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه مسلم .
| |
|