عمر الحاكم حجة الله علي كل حاكم
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول "لو علمت أحداً في أمة محمد أقدر عليها مني لفضلت أن تضرب عنقي علي أن آلي أمر المسلمين" وأعتقد أنه كان يضع هذه المقولة نصب
عينيه في معظم مواقفه
كما كان يقول
"أيما عامل ظلم أحداً فبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته"
وإليكم بعض من جوانب حياة عمر الحاكم،
وهي غيض من فيض عمري خالد أبد الدهر
عمر الذي أثر بكاؤه من خشية الله في وجنتيه حتي كان يري ذلك للناظرين
كان أمير المؤمنين عمر لما أن فتح
الله علي المسلمين وزادت
الأموال ببيت المال قد قرر عطاءاً شهرياً لكل فطيم من أبناء المسلمين، مما أدي بالناس إلي تعجيل فطام أبناءهم، فكان يسير في المدينة ليلاً وسمع طفلاً صغيراً يبكي وأمه تحاول فطامه حتي يستحق العطاء الشهري من بيت المال، فرجع إلي المسجد وظل يبكي حتي الفجر
وصلي الفجر وظل يبكي حتي الصباح،
والصحابة يسألون ماذا ألم به، حتي أن قال ويل عمر ليت أم عمر لم تلد عمر كم أهلكت من أطفال المسلمين، وأمر منادياً ينادي أيها الناس إنا كنا قد قررنا العطاء لكل فطيم ألا لا تعجلوا فطام أبنائكم إنا قررنا العطاء لكل وليد في الإسلام
انظروا كيف غير عمر منهج دولة وسياستها،
لما تبين له تحايل الناس عليها بناءاً علي موقف رأي أنه يضر بأطفال المسلمين، ولم يقل هم أبناؤهم وهم أولي بالخوف عليهم منا
القصة الشهيرة، عندما كان عمر يعس في المدينة ليلاً وسمع أطفال يبكون من شدة الجوع، والأم توقد ناراً وتضع عليها قدراً به ماء لتوهمهم بأنها تصنع لهم طعام حتي يناموا، فذهب إليها وقال لها لماذا يبكون قالت من شدة الجوع وليس لدينا طعام وأنا أفعل ذلك حتي يناموا، فذهب وعاد إليها حاملاً الدقيق والزيت علي ظهره وأيقظ الأطفال وأخذ يصنع لهم الطعام، والأم تقول له أنت تفعل ذلك
وأمير المؤمنين ينام قرير العين والله إنك أحق بها منه إني شكوته لله،
فقال لها آتيني غداً في مسجد رسول الله فذهبت وهي تبحث
عن الرجل الذي ساعدها، فإذا بها تسمع الناس ينادوه بأمير المؤمنين فقالت له يا أمير المؤمنين عذراً لم أكن أعلم أنك هو، فقال لها بكم تبيعي مظلمتك يا أمة الله قالت يا أمير المؤمنين لم تعد لي
مظلمة، قال لها إنك شكوتني لله بكم تبيعي وأعطاها من ماله الخاص وأمر علي أن يكتب صك الشراء، وطلب منه أن يضعه معه في قبره ليكون حجته أمام الله
ياله من حاكم أنهك كل حكام الدنيا
عمر الذي دخل عليه
أحد الصحابة فوجده يأكل خبزاً وزيت، فدعاه عمر للطعام فأبي الصحابي
فشدد عمر الدعوة والصحابي يرفض، حتي قال له أمير المؤمنين الطعام
لا يعجبك قال يا أمير المؤمنين أرجو طعام أطيب من هذا يعده لي أهل بيتي، فقال عمر أما تري أني لو أمرت بشاة تذبح ويصنع لي من لحمها أطيب ما فيه مع الثريد فآكله ألست قادر علي فعل ذلك قال بلا يا أمير المؤمنين، فرد عمر غير أني أدخر ذلك خشية أن يقول لي الجبار في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون
"أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها"
نعم حق فيه قول الفارسي حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
عمر بن الخطاب الذي قال قولته الشهيرة، لو عثرت بغلة علي الفرات في العراق لسئلت عنها أمام الله لماذا لم أمهد لها الطريق
انظروا عمر يسأل عن عثرات البغال وحكامنا في مأمن من سؤال الله لا يلقوا بالاً لموت شعوبهم ظلماً وعدوانا،
أهو إله واحد أم لهم آله غير إله عمر،
أم كان لعمر قلب ينبض بين جنبيه وهم عندهم أحجار صماء في صدورهم، بالله عليكم الناس في زماننا أكرم أم بغال عمر بن الخطاب؟
روي سنان بن مسلمة الهذلي قال كنت وأغلمة في المدينة في جذوع النخل نلتقط البلح
الذي يسمونه الخلال فخرج علينا عمر بن الخطاب فتفرق الصبيان فثبت مكاني فلما غشيني قلت يا أمير المؤمنين هذا مما ألقت الريح فقال أرني أنظر وأنا لا يخفي عليّ فنظر في حجري فقال صدقت قلت يا أمير المؤمنين تري هؤلاء الآن لئن انطلقت لأغاروا عليّ فانتزعوا مني ما معي فمشي معي حتي أبلغني مأمني
يا ألله أمير المؤمنين رأس
الدولة ينحني في حنو أبوي لطفل فيستمع إليه ويناقشه ويقتنع بحجته ثم يسير
حامياً له من بطش الصبيان
عمر الذي خضعت له ملوك الأرض في عصره، تجادله إمرأة عندما أراد أن يقلل من مهور النساء، فيقتنع برأيها ويقول قولته الشهيرة "أكل الناس أفقه منك يا عمر، أصابة امرأة وأخطأ عمر"
عمر الذي رد الحلوي لبيت المال لإنه لا يملك ثمنها، عمر الذي حاسبته الرعية عن ثوبه الذي كان أطول من ثيابهم حتي جاء بابنه عبد الله وأقر أمام الجميع
أنه أعطي ثوبه لأبيه فوصله بثوبه لأنه كان رجلاً ضخم البنيان، عمر الذي ترك طيب الطعام وما كان يأكل إلا خبز وزيت حتي قال لبطنه قرقري أو لا تقرقري فما لك عندي إلا الخبز والزيت، عمر الذي أقام علي ابنه الحد لما علم أنه شرب والإبن لما شارف علي الهلاك
قال له عمر إن سألك ربك كيف حال أبيك قل له إن أبي يقيم الحدود وها أنا ذا، عمر الذي أشير عليه أن يولي إبنه عبد الله بعده فقال جملته المشهور وما أكثر كلماته شهرة بين العالمين "كفي
ببني الخطاب أن يقابل أحدهم ربه بذنوب أمة كاملة"، عمر الذي والذي والذي ،،،،،،،،، لو ظللنا نكتب ما انتهينا فبل أن ينتهي بنا العمر
هكذا أري أن الله عز وجل جعل من
عمر بن الخطاب الحاكم العادل وهو بشر كأي بشر مثالاً وعبرةً ومقياساً حتي يأتي يوم القيامة بكل حاكم فيقول الله له ما منعك من أن تحكم بالعدل فإن احتج بأن تحقيق العدل لا يقدر عليه بشر كان الرد فكيف استطاعه عمر
فأتصور، أن الله جل وعلا، يحضر عمر يوم القيامة، ويرفعه علي منبر من نور في جانب ويأتي بكل حكام الأرض في مختلف العصور والأزمان في جانب آخر، وينصب موازينهم
وينشر دواوينهم ويحاسبهم، فإن اعتذر أحدهم بأنه لم يستطع أو تعذر عليه إقامة العدل، قيل له وكيف استطاع هذا وأشير إلي عمر، فيا حسرة علي الحكام والرؤساء والملوك وأصحاب الولايات، آلاف بل ملايين الحسرات علي من وضعوا أنفسهم في رهان لا محالة
خاسر ومع مقياس استحال عليهم القرب منه علي مسافة مئات بل آلاف الأميال
هذا عمر الذي
كانت الحكومة العادلة قبله درباً من خيال، وكان العدل البشري قبله محض نظريات أخفقت جميعها في مجال التطبيق، وأصبح بعده محض أمنيات نتوق إليه ولا سبيل لنا ببلوغه مهما طالت بنا السنون، فكان عمر رضي الله عنه يقوم بعمله كحاكم لا آداءاً لواجب فهذا أمر يستطيعه الكثيرون،
لكنه يؤديه حباً في آدائه بعاطفة الخير والبر والحنو علي الرعية، إنه الخليفة وكفي بالخلافة حملاً تنوء به الرواسي الشامخات، كان بين جنبيه ضمير لا يخاتل، ومسئوليته عن كل شيئ تجعله يقوم بالعمل وكأنه متعة يمارسها يسعي بنفسه وعلي قدميه ليوصل الحقوق إلي أصحابها قبل أن يطلبوها، فقد رؤي يحمل ديوان
خزاعة حتي ينزله قديداً ويقول هو حقهم أعطوه وأنا أسعد بآدائه إليهم منهم بأخذه فلا تحمدوني عليه
اللهم إني أسألك بوجهك الكريم ألا توليني ولاية ينوء بحملها كاهلي فتضعني بها في مقارنة مع هذا الرجل اللهم آمين آمين آمين
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
أرجو منكم الدعاء